فيتامين “د” أثناء الحمل: حجر الأساس لصحة العظام وتطور الدماغ لدى الجنين
فيتامين “د” ليس مجرد عنصر غذائي أساسي، بل هو ركيزة محورية في رحلة الحمل الصحية، خصوصًا خلال الأشهر الأولى. فقد أكدت الرابطة المهنية لأطباء أمراض النساء والتوليد في ألمانيا على أهمية توفير كميات كافية من فيتامين “د” في جسم الحامل، لا سيما خلال الثلث الأول من الحمل، لما له من دور بالغ الأهمية في تكوين الهيكل العظمي للجنين وتطور جهازه العصبي والمناعي.
أهمية فيتامين “د” في بداية الحمل
خلال الأسابيع الأولى من الحمل، يبدأ جسم الجنين بتشكيل أساساته البيولوجية، ومنها الهيكل العظمي والدماغ. وفي هذا السياق، يُعد فيتامين “د” عاملاً أساسياً في دعم امتصاص الكالسيوم والفوسفور، وهما العنصران الرئيسيان في بناء العظام والأسنان. كما أن الفيتامين يؤثر بشكل مباشر في تكوين الدماغ ونمو الخلايا العصبية، الأمر الذي ينعكس إيجاباً على القدرات الذهنية والمعرفية للطفل لاحقًا.
كما حذّرت الرابطة من أن نقص هذا الفيتامين خلال الثلث الأول من الحمل قد يؤدي إلى تبعات صحية جسيمة، منها تأخر نمو الجنين، وزيادة خطر الولادة المبكرة، وهي مضاعفات يمكن تفاديها عبر الوقاية والتغذية السليمة.
نتائج علمية تدعم التحذير
أتى هذا التحذير مدعوماً بنتائج دراسة حديثة أجراها باحثون من جامعة ولاية بنسلفانيا الأميركية، شملت تحليل مستويات فيتامين “د” لدى 351 امرأة في بداية الحمل. وأظهرت النتائج أن النساء اللواتي عانين من نقص في هذا الفيتامين خلال الأشهر الثلاثة الأولى كنّ أكثر عرضة للولادة المبكرة بما يصل إلى أربعة أضعاف مقارنة باللواتي احتفظن بمستويات كافية منه.
وقد أشار الباحثون إلى أن المستوى الأدنى المقبول من فيتامين “د” في الدم يبلغ نحو 40 نانومول/لتر (ما يعادل 16 نانوغراماً/مل)، بينما أظهرت الدراسة أن النساء اللواتي تجاوزت مستويات الفيتامين لديهن 80 نانومول/لتر (32 نانوغراماً/مل) كنّ أقل عرضة لهذه المخاطر.
ولم يتوقف أثر الفيتامين عند الوقاية من الولادة المبكرة فحسب، بل تبيّن أيضاً أن أطفال الأمهات اللواتي تمتعن بمستويات مرتفعة من فيتامين “د” وُلدوا بأوزان أكبر، وهو مؤشر على صحة أفضل ونمو سليم داخل الرحم.
كيف تحصل الحامل على فيتامين “د”؟
أوضحت الرابطة أن الجسم البشري لديه القدرة الطبيعية على إنتاج فيتامين “د” من خلال التعرض لأشعة الشمس فوق البنفسجية، وتحديداً في ساعات النهار. ويكفي تعريض الجلد لأشعة الشمس لمدة تتراوح بين 10 و20 دقيقة يومياً، مع ترك مناطق مثل الوجه واليدين والذراعين مكشوفة، لضمان إنتاج كميات كافية من الفيتامين.
كما يمكن الحصول على فيتامين “د” من خلال التغذية، إذ توجد مصادر غذائية طبيعية غنية به، من أبرزها:
- الأسماك الدهنية مثل السلمون، الماكريل، والسردين.
- صفار البيض.
- منتجات الألبان المدعّمة.
- كبد البقر.
- الزيوت مثل زيت كبد الحوت.
ماذا لو كان هناك نقص؟
في حال أظهرت الفحوصات وجود نقص ملحوظ في مستويات فيتامين “د”، فإن الحل لا يكون فقط بزيادة التعرض للشمس أو تحسين النظام الغذائي، بل قد يتطلب الأمر اللجوء إلى المكملات الغذائية. وهنا شددت الرابطة على أهمية استشارة الطبيب المختص قبل البدء بأي مكمل، لتحديد الجرعة المناسبة وتجنّب أي مضاعفات أو آثار جانبية قد تضر بالأم أو الجنين، خاصة أن الجرعات الزائدة من الفيتامين قد تكون ضارة كذلك.
خلاصة
فيتامين “د” ليس مجرد خيار إضافي في النظام الغذائي للحامل، بل ضرورة صحية تمسّ سلامة الجنين ونموه منذ الأيام الأولى للحمل. وإن إدراك الحامل لأهمية هذا العنصر، ومتابعة مستوياته بانتظام، وتطبيق النصائح الوقائية، قد يشكل فارقاً كبيراً في ضمان حمل آمن وطفل يتمتع بصحة جيدة منذ ولادته.
إرسال التعليق