انفجار في الطلب على مواهب الذكاء الاصطناعي بالصين: الرواتب تقفز وسط سباق محموم لصناعة الروبوتات البشرية
في ظل طفرة تقنية غير مسبوقة، تشهد الصين حاليًا سباقًا حادًا لتطوير الروبوتات الشبيهة بالبشر، وهو ما أدى إلى إشعال موجة ارتفاع كبيرة في رواتب المهندسين والمتخصصين في الذكاء الاصطناعي، وسط نقص حاد في الكفاءات المطلوبة لتلبية طموحات هذا القطاع المتسارع.
ووفقًا لتقرير حديث أصدرته منصة التوظيف الصينية “زاوبين”، أصبح متوسط الراتب الشهري لمهندسي خوارزميات الروبوتات الشبيهة بالبشر 31,512 يوانًا (نحو 4386 دولارًا أميركيًا)، ويرتفع إلى 38,489 يوانًا للمهندسين الذين يمتلكون خبرة تتجاوز خمس سنوات. هذه الأرقام تمثل قفزة كبيرة تفوق بثلاثة إلى أربعة أضعاف متوسط الراتب في المناطق الحضرية بالصين، والذي يبلغ حاليًا 10,058 يوانًا شهريًا.
💼 قفزة تاريخية في التوظيف
تؤكد الإحصاءات أن سوق التوظيف في قطاع الروبوتات الشبيهة بالبشر يشهد ازدهارًا غير مسبوق. فقد ارتفعت فرص العمل في هذا المجال بنسبة 409% خلال الأشهر الخمسة الأولى من عام 2025 مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق. أما طلبات التوظيف، فقد زادت بنسبة 396%، ما يعكس حجم الإقبال الكبير من الخريجين والمهنيين الطموحين على الانضمام لهذا القطاع الواعد.
ومع أن قطاع الروبوتات الأوسع شهد نموًا متواضعًا، إذ ارتفعت فرص العمل فيه بنسبة 6% فقط، إلا أن الطفرة الأكبر كانت حكرًا على قطاع الروبوتات البشرية، مما يعكس تباينًا واضحًا في أولويات النمو والاستثمار في الصناعات التقنية بالصين.
🤖 نقص الكفاءات يدفع الرواتب إلى مستويات قياسية
تشمل الروبوتات الشبيهة بالبشر عناصر تقنية وهندسية معقدة تتجاوز القدرات التقليدية للروبوتات الصناعية. فهذه الأنظمة تتطلب خوارزميات ذكية عالية الدقة، وتصميمات ميكانيكية متقدمة تحاكي البنية البشرية، إضافة إلى تكامل مع أنظمة الذكاء الاصطناعي التوليدي والتعلم العميق.
هذه المتطلبات دفعت الشركات الصينية إلى تقديم عروض مغرية لجذب المهندسين المتخصصين، ولا سيما في مجالات مثل تصميم الأنظمة الحركية، وتطوير الخوارزميات المعرفية، وهندسة المشاعر الاصطناعية. على سبيل المثال، يبلغ متوسط راتب مهندسي التصميم الميكانيكي في هذا القطاع 22,264 يوانًا شهريًا، ما يعكس قيمة الدور الذي تلعبه هذه الوظائف في دفع الابتكار.
📉 تحديات في السوق رغم النمو القطاعي
ورغم هذه الأرقام المشرقة، لا تزال الصين تواجه صعوبات اقتصادية أوسع، بما في ذلك تباطؤ النمو، وانخفاض أرباح الشركات، وتسريحات جماعية. وتشير بيانات رسمية إلى أن معدل بطالة الشباب، باستثناء الطلاب، بلغ 15.8% في أبريل 2025، رغم أنه سجل انخفاضًا طفيفًا من 16.5% في مارس.
ومع دخول عدد قياسي من الخريجين إلى سوق العمل هذا الصيف، تتزايد الضغوط على سوق التوظيف بشكل عام، باستثناء القطاعات الابتكارية مثل الروبوتات والذكاء الاصطناعي، التي تواصل جذب الاستثمارات ورؤوس الأموال البشرية.
🧠 سباق نحو العقول
خلال منتدى الذكاء الاصطناعي المتجسد في بكين مؤخرًا، أطلق رواد الصناعة دعوات مفتوحة للمواهب التقنية. فقد استعرض “تشاو تونغ يانغ”، مؤسس شركة Zhongqing Robots، أنظمة ذكية تركّز على “أدمغة الروبوتات البشرية”، مع التأكيد على الحاجة الملحة لمطورين ومصممين قادرين على بناء أنظمة معرفية وسلوكية متقدمة.
وبدورها، أبدت شركة Unitree Robotics، إحدى الشركات الناشئة الرائدة، قلقها من نقص الكفاءات. حيث قال مؤسسها وانغ شينغ شينغ في منتدى لريادة الأعمال في شنغهاي:
“نعاني من نقص في الكفاءات في كل المجالات: من الإدارة إلى البحث والتطوير، ومن سلسلة الإمداد إلى التسويق. الباب مفتوح للجميع”.
📊 سوق متسارع النمو
تشير التوقعات إلى أن سوق الروبوتات الشبيهة بالبشر في الصين سيصل حجمه إلى 5.3 مليار يوان في عام 2025، أي أكثر من ضعف حجمه في عام 2024. ومن المتوقع أن يقفز هذا الرقم إلى 75 مليار يوان بحلول عام 2029، ليُمثّل 32.7% من السوق العالمية، وهو ما سيجعل الصين المتصدر العالمي في هذا المجال.
وبحلول عام 2035، قد تبلغ قيمة السوق المحلي 300 مليار يوان، مدفوعة بتبني واسع النطاق في قطاعات مثل الرعاية الصحية، وخدمات المسنين، والتعليم، والتصنيع الذكي.
🏁 سياسات داعمة وطموحات كبرى
تحفّز الحكومة الصينية هذا النمو من خلال إطلاق سياسات وطنية ومحلية تهدف إلى دعم الابتكار وتسهيل التمويل والبحث العلمي في المجالات المتقدمة. واعتُبر عام 2025 عامًا مفصليًا في مسيرة الإنتاج الضخم للروبوتات البشرية، حيث بدأ التحول من مرحلة النماذج الأولية إلى مرحلة النشر الواسع والاستخدام التجاري.
🔚 خلاصة:
بينما تواجه الصين تحديات اقتصادية معقّدة، يظهر قطاع الروبوتات البشرية كمصدر أمل واعد يعيد تشكيل سوق العمل. النمو الهائل في الطلب على المهارات التقنية، والرواتب المرتفعة التي تُقدَّم للمواهب المتخصصة، يُسلطان الضوء على مدى الأهمية الاستراتيجية لهذا القطاع بالنسبة لمستقبل الاقتصاد الصيني، وربما مستقبل العالم ككل.
إرسال التعليق