×

صراع إيران وإسرائيل: سيناريوهات التصعيد المحتمل وتداعياته الإقليمية والدولية

ما هي أسوأ السيناريوهات المحتملة في الصراع بين إيران وإسرائيل؟

يشهد الشرق الأوسط تصعيدًا غير مسبوق في التوترات العسكرية بين إيران وإسرائيل، بعد عقود من المواجهات غير المباشرة والحروب بالوكالة. فمنذ أيام، يتبادل الطرفان الضربات المباشرة، وسط حالة من القلق الدولي والمخاوف من انزلاق الأوضاع نحو حرب شاملة قد تغير ملامح المنطقة لعقود.

من المواجهة بالوكالة إلى الاشتباك المباشر

بدأت المرحلة الجديدة من الصراع بهجوم إسرائيلي واسع النطاق استهدف مواقع نووية وعسكرية داخل إيران، مما أسفر عن مقتل قادة كبار في الحرس الثوري وعلماء نوويين، فضلًا عن مدنيين، وفق ما أعلنت طهران. وردًا على ذلك، أطلقت إيران وابلاً من الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة على أهداف إسرائيلية، تسببت في سقوط قتلى ودمار واسع، بحسب الرواية الإسرائيلية.

ما كان يُدار خلف الكواليس من خلال عمليات سرية وضربات محدودة بات الآن مواجهة علنية، تتسابق فيها الدول الكبرى والمنظمات الدولية للدعوة إلى التهدئة. لكن هذه الدعوات قد لا تكون كافية لكبح جماح التصعيد، ما يفتح الباب أمام مجموعة من السيناريوهات الكارثية التي قد تُدخل المنطقة والعالم في أزمات متعددة الأبعاد.


السيناريوهات الأسوأ في حال استمرار التصعيد

1. انخراط مباشر للولايات المتحدة في الحرب

رغم التصريحات الأمريكية المتكررة بنفي أي تورط مباشر في الهجوم الإسرائيلي، إلا أن إيران تعتبر أن واشنطن على الأقل قدمت دعمًا لوجستيًا أو استخباراتيًا للعملية. وفي حال شعرت طهران بأن الولايات المتحدة متورطة فعليًا، فقد تختار الرد عبر استهداف قواعدها المنتشرة في العراق وسوريا والخليج، أو مهاجمة البعثات الدبلوماسية الأمريكية.

وفي حال سقوط قتلى أمريكيين نتيجة هذه الهجمات – حتى ولو بالخطأ – فإن ذلك قد يدفع واشنطن، خصوصًا في ظل إدارة جمهورية متشددة مثل إدارة ترامب المحتملة، إلى رد عسكري واسع.

تُعد الولايات المتحدة الدولة الوحيدة التي تمتلك السلاح القادر على تدمير المنشآت النووية الإيرانية الأكثر تحصينًا، مثل منشأة فوردو. وإذا تورطت فعليًا، فإن ذلك سيكون بداية لتحول الصراع من نزاع إقليمي إلى حرب دولية، لها آثار على أمن الطاقة العالمي والتحالفات العسكرية.


2. استهداف دول الخليج وامتداد الصراع إقليميًا

في حال عدم قدرة إيران على ضرب أهداف فعّالة داخل إسرائيل، قد تلجأ إلى توسيع جبهة المواجهة عبر استهداف بنى تحتية حيوية في الخليج العربي، خاصة في دول يُعتقد أنها وفّرت دعمًا غير مباشر لإسرائيل مثل الإمارات أو السعودية.

تمتلك إيران تاريخًا في هذا النوع من الهجمات، كما حدث في استهداف منشآت “أرامكو” عام 2019. ويمكن أن تعاود استخدام هذه الورقة، مما يهدد بإشعال الخليج، ويدفع الدول المستهدفة لطلب تدخل أمريكي مباشر.

امتداد الصراع إلى الخليج يعني تهديد ممرات الطاقة العالمية، مما قد يؤدي إلى أزمة طاقة عالمية، وتعطل الملاحة في مضيق هرمز والبحر الأحمر.


3. فشل إسرائيل في تدمير البرنامج النووي الإيراني

واحد من أخطر السيناريوهات هو فشل إسرائيل في تحقيق هدفها الأساسي: القضاء على القدرات النووية الإيرانية. فحتى لو تم تدمير بعض المنشآت أو اغتيال علماء، فإن المعرفة العلمية لا يمكن محوها.

كما يُعتقد أن كميات كبيرة من اليورانيوم المخصب قد تم نقلها إلى مواقع سرية شديدة التحصين. هذا الفشل المحتمل قد يدفع طهران إلى الإسراع في تطوير سلاح نووي كخيار استراتيجي للردع، مما يدخل المنطقة في سباق تسلح نووي خطير.

أسوأ من ذلك، أن يقود هذا الفشل إلى تكريس نمط جديد من الحرب المستمرة، عبر ضربات إسرائيلية متكررة، وردود فعل إيرانية محسوبة – وهي الاستراتيجية التي تُعرف في إسرائيل بـ”جز العشب”.


4. أزمة اقتصادية عالمية نتيجة تصاعد التوترات

ارتفاع أسعار النفط نتيجة المخاوف من إغلاق مضيق هرمز أو استهداف ناقلات النفط في البحر الأحمر، سيؤدي إلى تضخم عالمي يفاقم أزمات اقتصادية قائمة. وقد تستغل روسيا هذا الوضع لتعزيز موقفها في أسواق الطاقة، وجني أرباح إضافية لتمويل حربها في أوكرانيا.

كما سيؤدي هذا الاضطراب إلى تقويض جهود التعافي الاقتصادي في الدول النامية، وقد يُشعل موجات من الاضطرابات الاجتماعية بسبب ارتفاع أسعار الغذاء والطاقة.


5. فراغ سياسي في إيران في حال سقوط النظام

رغم أن تغيير النظام الإيراني كان دائمًا هدفًا ضمنيًا لدى بعض القوى، إلا أن تحقيقه لا يعني بالضرورة نهاية الصراع. فكما أظهرت التجارب في العراق وليبيا، فإن انهيار الأنظمة السلطوية يؤدي غالبًا إلى فراغ سياسي وفوضى داخلية.

إذا سقط النظام الإيراني دون وجود بديل سياسي واضح وموحد، فإن البلاد قد تغرق في حرب أهلية أو تشهد صعود فصائل مسلحة متشددة. وستكون التداعيات الإقليمية لذلك كارثية، وقد تمتد إلى الدول المجاورة مثل العراق، أفغانستان، باكستان، ولبنان.


ختامًا: مستقبل الصراع مرهون بقرارات الساعات القادمة

تتمحور اللحظة الراهنة حول سؤالين محوريين:

  • إلى أي مدى ستصعّد إيران ردّها على الضربات الإسرائيلية؟
  • وهل تستطيع الولايات المتحدة كبح جماح إسرائيل ومنعها من جرّ المنطقة نحو حرب مفتوحة؟

الإجابة على هذين السؤالين ستحدد ما إذا كان الشرق الأوسط مقبلًا على حرب إقليمية واسعة النطاق، أم أن نافذة الدبلوماسية لا تزال مفتوحة – ولو جزئيًا – لاحتواء هذا التصعيد الخطير.

إرسال التعليق

ربما تكون قد فاتتك